اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 289
الذين أسكنهم الفقر والفاقة في زاوية الهوان والمذلة وَآخر حق ابْنِ السَّبِيلِ المنقطعين عن الأوطان والأموال لمصلحة شرعية فعليكم ايها الحكام ان تحافظوا على هذه القسمة ولا تتجاوزوا عنها إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ المستوي على العدل القويم وَما أَنْزَلْنا يعنى عليكم ان تؤمنوا ايضا على انزالنا بمقتضى لطفنا وجودنا من النصر والظفر على الأعداء والإمداد بالملائكة عَلى عَبْدِنا وحبيبنا يَوْمَ الْفُرْقانِ الفارق بين الحق والباطل والمحق والمبطل وذلك يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ اى وقت التقاء الصفين من الطرفين في بدر مع ضعف اهل الحق وقوة الكفار وَاللَّهُ المتعزز برداء العظمة والكبرياء عَلى كُلِّ شَيْءٍ من نصر ضعفاء الأولياء وانهزام أقوياء الأعداء قَدِيرٌ
اذكروا ايها المؤمنون ضعفكم ورثاثة حالكم وقت إِذْ أَنْتُمْ مترددون بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا اى على شفير الوادي الذي هو اقرب الى المدينة مع انه لا ماء فيه ورماله تسوخ ارجلكم وأنتم راجلون وَهُمْ متمكنون بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى اى على شفير الوادي الا بعد من المدينة والماء عندهم وَالرَّكْبُ اى العير التي أنتم قصدتم نحوه قد كان أَسْفَلَ وابعد مِنْكُمْ على ساحل البحر مقدار ثلثة أميال وأنتم حينئذ حيارى بين الاقدام والاحجام وَبالجملة لَوْ تَواعَدْتُمْ أنتم معهم القتال في وقت معين بلا وحى من الله ووعد من جانبه لَاخْتَلَفْتُمْ أنتم البتة لضعفكم وقوتهم وشدة شوكتهم وصولتهم فِي الْمِيعادِ الذي أنتم وعدتم معهم لرعبكم ورهبتكم منهم وَلكِنْ جمع سبحانه بلطفه شملكم ومكنكم في مكانكم وأمطر عليكم في ليلتكم لِيَقْضِيَ اللَّهُ المتولى لنصركم وغلبتكم أَمْراً وحكما مبرما من نصر الأولياء وقهر الأعداء قد كانَ مَفْعُولًا عنده سبحانه مثبتا في حضرة علمه وسابق قضائه وان لم يفعل بعد وانما فعل سبحانه بكم ما فعل من النصر والظفر وبهم من القهر والقمع لِيَهْلِكَ من الكفار مَنْ هَلَكَ ومات وانخذل غيظا عَنْ بَيِّنَةٍ واضحة قد شاهدها وَيَحْيى ايضا من المسلمين مَنْ حَيَّ فرحا وسرورا عَنْ بَيِّنَةٍ واضحة لائحة قد انكشف بها وَاعلموا إِنَّ اللَّهَ المطلع لضمائر عباده لَسَمِيعٌ لمناجاة كلا الفريقين عَلِيمٌ بنياتهم وحاجاتهم فيها يفعل مع كل منهم على مقتضى علمه
اذكر يا أكمل الرسل وقت إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ اى أعداءك فِي مَنامِكَ قَلِيلًا مما كانوا عليه تشجيعا لك يا أكمل الرسل ولأصحابك وتحريضا على قتالهم وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً وعلى شوكتهم التي هم فيها لَفَشِلْتُمْ وجبنتم البتة رهبة وهيبة وَبعد ما جبنتم لَتَنازَعْتُمْ البتة فِي الْأَمْرِ اى امر القتال سيما قد عرفتم كثرتهم وشوكتهم بل تسرعون أنتم بأجمعكم على الاستدبار والانهزام وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ اى أنعم عليكم بالسلامة عن القتل والتنازع بانزال السكينة والوقار على قلوبكم بسبب ذلك التقليل وبالجملة إِنَّهُ سبحانه عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ يعلم مآل أمركم وعاقبته لذلك لبس عليكم ليجرئكم على القتال لإعلاء كلمة توحيده ونصر دينه
وَاذكر ايضا امداد الله إياكم بتلبيس الأمر عليكم إِذْ يُرِيكُمُوهُمْ اى أعداءكم إِذِ الْتَقَيْتُمْ صافين من الطرفين فِي أَعْيُنِكُمْ كما في منامكم قَلِيلًا لتستقلوهم وتجترؤا عليهم وَيلبس أمركم عليهم ايضا تغريرا لهم ومكرا إذ يُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ حتى لا يبالوا بكم وبجمعكم لذلك قال ابو جهل حين تراءت الفئتان ان محمدا وأصحابه اكلة جزور وانما فعل سبحانه ما فعل من التلبيس على كلا الفريقين لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ عنده مَفْعُولًا حتما وفي لوح قضائه مقضيا جزما وَبالجملة إِلَى اللَّهِ لا الى
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 289